الله يتكلم يتحدى أيوب إن كان يمكنه أن يفهم أعمال الله العظيمة: الخليقة والكون.
38
فَقَالَ اللهُ لِأَيُّوبَ مِنَ الْعَاصِفَةِ: ‏2 ”مَنْ هَذَا الَّذِي يَتَكَلَّمُ بِلَا مَعْرِفَةٍ، وَيَجْعَلُ مَشُورَتِي تَبْدُو كَأَنَّهَا ظَلَامٌ؟ ‏3 اِسْتَعِدَّ الْآنَ وَقِفْ كَرَجُلٍ، لِكَيْ أَسْأَلَكَ فَتُجِيبَنِي.
‏4 ”أَيْنَ كُنْتَ لَمَّا أَسَّسْتُ الْأَرْضَ؟ أَخْبِرْنِي إِنْ كُنْتَ تَفْهَمُ! ‏5 مَنْ قَرَّرَ مَقَايِيسَهَا؟ لَا شَكَّ أَنَّكَ تَعْلَمُ! وَمَنْ مَدَّ عَلَيْهَا خَيْطَ الْقِيَاسِ؟ ‏6 عَلَى أَيِّ شَيْءٍ اسْتَقَرَّتْ قَوَاعِدُهَا، وَمَنْ وَضَعَ حَجَرَ الزَّاوِيَةِ لِبِنَائِهَا، ‏7 لَمَّا غَنَّتْ نُجُومُ الصُّبْحِ مَعًا، وَهَتَفَتْ كُلُّ الْمَلَائِكَةِ؟
‏8 ”مَنْ وَضَعَ حُدُودًا لِلْبَحْرِ، لَمَّا انْدَفَقَ وَخَرَجَ مِنْ بَطْنِ الْأَرْضِ؟ ‏9 وَلَمَّا جَعَلْتُ السَّحَابَ كَرِدَاءٍ لَهُ، وَفِي الضَّبَابِ لَفَفْتُهُ؟ ‏10 وَلَمَّا أَقَمْتُ لَهُ حُدُودًا، وَوَضَعْتُ لَهُ بَوَّابَاتٍ وَأَقْفَالَ؟ ‏11 وَلَمَّا قُلْتُ لَهُ: ’تَأْتِي إِلَى هُنَا لَا أَكْثَرَ! لَا تَتَعَدَّى مَكَانَكَ، وَأَمْوَاجُكَ الْعَالِيَةُ تَقِفُ هُنَا‘؟
‏12 ”هَلْ أَمَرْتَ الصُّبْحَ مَرَّةً بِأَنْ يَطْلَعَ؟ أَوْ قُلْتَ لِلْفَجْرِ أَنْ يُشْرِقَ، ‏13 لِيَمْلَأَ الْأَرْضَ مِنْ أَوَّلِهَا إِلَى آخِرِهَا، وَيَتَخَلَّصَ مِنْ أَشْرَارِهَا؟ ‏14 عِنْدَ الْفَجْرِ تَتَحَوَّلُ الْأَرْضُ كَأَنَّهَا طِينٌ أَحْمَرُ، وَتَبْدُو كَأَنَّهَا رِدَاءٌ. ‏15 وَيُحْرَمُ الْأَشْرَارُ مِنَ النُّورِ، يَرْفَعُونَ ذِرَاعَهُمْ فَتَنْكَسِرُ.
‏16 ”هَلْ وَصَلْتَ إِلَى قَعْرِ الْبَحْرِ؟ أَوْ تَمَشَّيْتَ فِي أَعْمَاقِ الْمُحِيطِ؟ ‏17 هَلِ انْفَتَحَتْ أَمَامَكَ بَوَّابَاتُ الْمَوْتِ، وَهَلْ رَأَيْتَ بَوَّابَاتِ الظُّلْمَةِ؟ ‏18 هَلْ تَعْرِفُ عَرْضَ الْأَرْضِ؟ أَخْبِرْنِي إِنْ كُنْتَ تَعْرِفُ كُلَّ هَذَا!
‏19 ”أَيْنَ الطَّرِيقُ إِلَى الْمَكَانِ الَّذِي يَسْكُنُ فِيهِ النُّورُ؟ وَأَيْنَ تَسْكُنُ الظُّلْمَةُ؟ ‏20 هَلْ تَقْدِرُ أَنْ تَأْخُذَ كُلًّا مِنْهُمَا إِلَى مَكَانِهِ، وَهَلْ تَعْرِفُ الطَّرِيقَ إِلَى دَارِهِ؟ ‏21 لَا شَكَّ أَنَّكَ تَعْرِفُ، لِأَنَّكَ وُلِدْتَ قَبْلَ كُلِّ هَذِهِ! لَا شَكَّ أَنَّ عُمْرَكَ طَوِيلٌ جِدًّا!
‏22 ”هَلْ دَخَلْتَ إِلَى مَخَازِنِ الثَّلْجِ، أَوْ رَأَيْتَ مَخَازِنَ الْبَرَدِ، ‏23 الَّتِي حَفِظْتُهَا لِوَقْتِ الْمَصَائِبِ، وَلِأَيَّامِ الْحَرْبِ وَالْقِتَالِ؟ ‏24 كَيْفَ يَنْتَشِرُ النُّورُ، وَتَتَوَزَّعُ الرِّيحُ الشَّرْقِيَّةُ عَلَى الْأَرْضِ؟ ‏25 مَنْ يَشُقُّ الْقَنَوَاتِ لِلْمَطَرِ الْغَزِيرِ؟ وَمَنْ يَرْسُمُ طَرِيقًا لِلرَّعْدِ؟ ‏26 وَيُرْسِلُ الْمَطَرَ عَلَى أَرْضٍ لَا يَعِيشُ فِيهَا إِنْسَانٌ، وَعَلَى صَحْرَاءَ لَا أَحَدَ فِيهَا! ‏27 وَيُرْوِيَ الْخَرَائِبَ الْمُقْفِرَةَ وَيَجْعَلَهَا تُنْبِتُ عُشْبًا! ‏28 هَلْ لِلْمَطَرِ أَبٌ؟ مَنْ هُوَ أَبُو النَّدَى؟ ‏29 مِنْ بَطْنِ مَنْ خَرَجَ الثَّلْجُ؟ وَمَنْ وَلَدَ صَقِيعَ السَّمَاءِ؟ ‏30 تَصِيرُ الْمِيَاهُ كَحَجَرٍ، وَيَتَجَمَّدُ سَطْحُ الْمُحِيطِ!
‏31 ”هَلْ تَقْدِرُ أَنْ تَرْبِطَ نُجُومَ الثُّرَيَّا مَعًا، أَوْ تَحِلَّ رِبَاطَ الْجَوْزَاءِ؟ ‏32 هَلْ تَقْدِرُ أَنْ تَجْعَلَ الْكَوَاكِبَ تَطْلَعُ فِي وَقْتِهَا، أَوْ تَقُودَ النَّعْشَ مَعَ بَنَاتِهِ فِي السَّمَاءِ؟ ‏33 هَلْ تَعْرِفُ قَوَانِينَ السَّمَاءِ، وَتَفْهَمُ سُلْطَانَ اللهِ عَلَى الْأَرْضِ؟ ‏34 هَلْ تَقْدِرُ أَنْ تَصْرُخَ إِلَى السَّحَابِ، وَتَأْمُرَهُ لِيُغَطِّيَكَ بِمَاءٍ غَزِيرٍ؟ ‏35 هَلْ تُرْسِلُ الْبَرْقَ فَيَذْهَبَ وَيَقُولَ لَكَ: ’سَمْعًا وَطَاعَةً‘؟ ‏36 مَنْ وَضَعَ فِي الْقَلْبِ حِكْمَةً، وَفِي الْعَقْلِ فَهْمًا؟ ‏37 مَنْ هُوَ الْحَكِيمُ الَّذِي يَحْسِبُ السَّحَابَ؟ وَمَنْ يَصُبُّ الْمَاءَ مِنْ أَوْعِيَةِ السَّمَاءِ، ‏38 فَيَصِيرَ التُّرَابُ كُتْلَةً، وَيَتَمَاسَكَ الطِّينُ مَعًا؟
‏39 ”هَلْ أَنْتَ تَصِيدُ فَرِيسَةً لِلَّبْوَةِ، لِتُشْبِعَ جُوعَ أَوْلَادِهَا؟ ‏40 حَيْثُ يَقْعُدُونَ فِي الْمَأْوَى، أَوْ يَرْبِضُونَ وَيَنْتَظِرُونَ فِي الْغَابَةِ! ‏41 مَنْ يَرْزُقُ الْغُرَابَ طَعَامَهُ، عِنْدَمَا تَصْرُخُ فِرَاخُهُ إِلَى اللهِ، وَتَهِيمُ بِلَا قُوتٍ؟